هناك حكام يتطلعون إلى التاريخ، وهناك حكام يتطلع التاريخ إليهم ليسجل خطواتهم وإنجازاتهم التي تفوق التوقعات وتجعل شعوبهم يعيشون اليوم.. ماكان من الممكن أن يحلموا به في الغد البعيد. ولاشك ان حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى من هذا النوع من الحكام الذين يتطلع التاريخ إليهم، فجلالته حفظه الله الذي نحتفل غدا بذكرى مولده، هو حاكم استطاع بإنجازاته أن يسبق عقارب الساعة، ويحول الأحلام إلى حقيقة، في هذا البلد الصغير بمساحته الكبير بآماله وطموحاته. وسوف يسجل التاريخ لهذا الملك الذي يعرف كيف يترجم طموحاته إلى أرقام وحقائق، أنه حول هذه الإمارة إلى مملكة دستورية، خطت خطوات رائدة على طريق الديمقراطية وأصبحت مملكة عصرية حققت مالم تحلم به دول كثيرة سبقتها في إصدار الدساتير وإنشاء المجالس النيابية، فأصبحت البحرين في العام السابع من حكمه الزاهر نموذجا يحتذي به، ويحظى باحترام القاصي والداني. من حقنا اليوم ونحن نحتفل بذكرى ميلاد جلالته أن نفخر بأننا من بلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي يفتح له التاريخ صفحاته، ويدون إنجازاته بأحرف من نور، سواء على المستوى السياسي ..أو الاجتماعي، على المستوى الاقتصادي.. أو على مستوى حقوق إلإنسان. ولاشك أن من سيؤرخون لهذه الحقبة الزاهرة في تاريخ البحرين سيحارون كثيرا من أين يبدأون، وسوف تتسع صفحات مجلداتهم وتلهث عقولهم وهم يتابعون تلك الطفرات والقفزات التي يسجلها ويحققها في تواضع جم، وبخطوات تجمع بين حكمة الواثق وصبر الزاهد وبصيرة الحاكم الذي يدرك طموحات شعبه ويجعله نبراسا له. اليوم بعد مايقرب من سبعة أعوام من سنوات حكمه الزاهرة، يتواصل البنيان ارتفاعا، ويشعر الزائر لمملكة البحرين بالفخر والإعجاب من حجم الانجازات والتحديات، وحجم العمران الذي حول كثيرا من شوارعنا ومناطقنا الحيوية، إلى مايشبه ترسانة من الرافعات العملاقة وآلات البناء والتشييد ، تنشئ هنا مرفأ ماليا وهناك مركزا عالميا للتجارة، وصروحا اقتصادية وتجمعات عمرانية ومنتجعات سياحية، إنها آلة العمران الجبارة التي فردت أذرعتها الجبارة، في بلد تضيء سماؤه بالديمقراطية، ويتنفس أبناؤه نسائم الحرية في عهد ملك القلوب حمد بن عيسى آل خليفة. لقد بهر جلالة الملك الجميع في بداية حكمه بمشروع إصلاحي أدهش الجميع وسبق كل النظريات التي صيغت من أجل شرق أوسط جديد، وفي خطوات غير مسبوقة .. كان الميثاق الوطني، وكان الدستور وكان ان انتخب شعب مملكة البحرين برلمانا وعين مجلس شورى تزامنا مع اعلان قيام المجلس الأعلى للقضاء ، لتكتمل المسيرة دستوريا عبر السلطات الثلاث. وكان هذا إيذانا بعودة الحياة النيابية إلى البحرين بعد توقف دام أكثر من 25 عامًا، فأجريت أول انتخابات نيابية حرة مباشرة في العام 2001م عقب انتخابات المجالس البلدية في العام نفسه، وبصبر يحسد عليه قاد الربان الماهر سفينته في مواجهة العواصف والأنواء ليعبر بتلك المسيرة الديمقراطية الوليدة، فوق أمواج التحدي.. ويمضي رغم أنف المتربصين بتجربته الوليدة، لتخوض البحرين جولة جديدة من مسيرة الديمقراطية، بانتخابات الخامس والعشرين من نوفمبر 2006 والتي شهد العالم كله بنزاهتها وحياديتها، وحققت فيها، مافاق طموحاتها وأحلامها، بفضل سماحة هذا الحاكم الذي أكد أنه رجل قادر على أن يفي بوعوده، لأنه لا يتعهد إلا بما يستطيع أن يحققه، ويترجمه على أرض الواقع. إن مسيرة الإصلاح التي أرست معالم مملكة عصرية، تعد زهرة في بستان العروبة ليست هي كل ماقدم الملك حمد بن عيسى آل خليفة لمملكته، فقد قدم إنجازات كثيرة لعل أهمها إنشاء قوة دفاع البحرين، و تأسيس مركز الوثائق التاريخية في البحرين، إنشاء إسطبل الخيل الأميري في البحرين وتسجيله ضمن منظمة الخيول العربية العالمية في سبنمبر 1978م، وإنشاء مركز البحرين للدراسات والبحوث، وإنشاء جناح الدّفاع الجوي لقوة دفاع البحرين. ومما يثير الفخر بفكر صاحب الجلالة أنه حاكم لا ينفصل بأحلامه لشعبه عن إيمانه بعروبته وبخصوصية موقع بلاده كجزء لايتجزأ عن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ولهذا فليس بمستغرب أن يؤمن جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بالديمقراطية كأسلوب للحكم مع مراعاة خصوصية البيئات العربية والإسلامية التي تطبق فيها، ولذلك كان من أوائل من دعوا إلى إنشاء برلمان خليجي موحد يضم الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي ، وكذلك كان أول الداعمين لإنشاء أول برلمان عربي في العام 2006، وهو الذي افتتح بالقاهرة. ومما يثير الفخر ايضا أن الملك حمد بن عيسى الحاكم المسلم العربي، هو الذي حققت المرأة البحرينية في عهده الزاهر، أكثر مما تحلم به أي امرأة عربية أو خليجية فإذا كانت المرأة البحرينية أولى النساء الخليجيات في حصولها على جميع حقوقها السياسية، بموجب الدستور الجديد الذي صدر في بداية مسيرة الإصلاح، فإن المرأة البحرينية سبقت كل نساء العالم في نيل مزيد من الحقوق والمواقع المرموقة في عام 2006، ففي هذا العام وحده جلست المرأة البحرينية على منصة القضاء، وشهدت قاعات المحاكم أول وكيل نيابة تترافع في قضية، كما جلست البحرينية على مقعد رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وظهرت أول امرأة منتخبة في مجلس النواب وفي تاريخ المجالس النيابية والخليجية. لقد أثبت مليكنا المفدى طوال السنوات الماضية، أنه القائد صاحب الرؤية البعيدة الشاملة، وصاحب الفكر السياسي المنظم الذي لا تشتت اهتمامه الأحداث المتلاطمة عن التركيز على جوهر القضايا وتسلسل أهميتها، في حلقات متتابعة كالسلسلة. وأولى دوائر الاهتمام بناء الذات. والركن الأول في هذا البناء هو الوحدة الوطنية باعتبارها (القوة الوحيدة التي بها ندافع ونبني) كما يقول جلالته ، والهدف هو المواطن الذي يعمل القائد على تحقيق أفضل مستوى له من المعيشة عبر حركة اقتصادية إصلاحية تعادل الإنجازات التي تحققت لتكون المملكة في مصاف الدول الراقية، في أجواء الحرية والديمقراطية والمشاركة في صنع القرار والمصير.
الخميس، 18 مارس 2010
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق